الرسائل الجامعية لماذا لا تعتبر مصدر موثوق للمعرفة ؟

لطالما كانت الجامعة لا تسمح للباحثين بأن يبرزوا شخصياتهم المستقلة  في البحث العلمي بل يجب أن تكون نتائج بحثهم في حدود ما يؤمن به الحقل الجامعي،  فإن خالف الباحث في رسالته وجهة نظر الحقل الجامعي فإن الرسالة لا تُجاز ويعتبر الباحث غير مستوفي لشروط البحث العلمي ، لعدم وجود أهم شرط فيها وهو التبعية ، وهذا طبيعي لأن الجامعة حقل ثقافي تابع وليس مستقل

أي أن الجامعة ليس لها شرعية ذاتية لذا تكون مضطرةً إلى أن تستمد شرعيتها إما من الدين أو السياسة أو كليهما وبالتالي تكون تابعةً لها

لذلك تكون الرسائل والبحوث غير مستقله لأنها تخرج  إما محابيه رجال الدين أو للسياسة وتفقدها الموضعية

بمعنى أن صدق المعلومة من عدمها لا يحكم عليها من داخل الحقل نفسه ( أهل الاختصاص ) .. لا .. بل من يقرر إن كانت هذه البحوث صالحة أم لا، هم رجال الدين أو السياسة

مثلاً لو كان البحث تاريخياً فمن المفترض أن من سيحكم على صحة هذا البحث هم المؤرخون أهل الحقل نفسه
وليس رجل الدين او السياسي

وذلك لأن رجل الدين مؤدلج صاحب موقف مسبق من كل ما يتعارض مع أوهامه فيرفضه

-ورجل السياسة يرفض كل ما يهدد سلطته لذلك يقوم باحتكار المعرفة لفرض سلطته ولأن القراءة خارج الحدود التي يسمح بها فيعتبرها تمرداً على سلطته وتحجيماً لها فمن الطبيعي أن يكون له موقف عدائي من القراءة الحرة فهي أكبر فعل نضالي تحرري

الجامعة لن تكون حقلاً مستقلاً ثقافياً تستمد شرعيتها من ذاتها إلا اذا استقلت عن التمويل الحكومي وبدأت تعتمد على ابحاثها وطلابها كمصدر للدخل

الجامعات المستقلة العظيمة جميعها أهلية مثل هارفرد
فحين قررت الحكومة الأمريكية دعمها لأنها مفخرة وطنية للبلد أشترطت الجامعة أن يكون الدعم غير مشروط اي بدون تدخل

ولذا كانت الجامعات الممولة من قبل الدولة غير مستقلة وقد قالت العرب قديما اذا امتلأت البطون استحت العيون ،لن تستطيع أن تقول لا لمن يمولك

وهذا يفسر عزوف كل مراكز الأبحاث عن البحوث الجامعية السعودية لأنها غير موضوعية

فالجميع بدأ يدرك أن الرسائل و البحوث الجامعية لدينا هي فقط لنيل الدرجة العلمية ولا يمكن الإعتماد عليها كمصادر موثوقة للمعرفة

4 آراء حول “الرسائل الجامعية لماذا لا تعتبر مصدر موثوق للمعرفة ؟

  1. سلمت يمناك… قلت ما يعجز الكثير عن قوله ، أصبت كبد وروح الحقيقة

    نتباكى من ٨٠ سنة على رجعيتنا دون أن تفيد الدموع شيئا – إلا ما تستغله شركة فاين – ، ثم إذا قيل لنا أعيدوا قراءة تراثكم ، جددوا خطاباتكم ، انتقدوا أخطائكم فكروا في التغيير ، قالوا : يريد الإضلال !

    إذا فمتى نتحرر من ربقة العبودية التراثية ؟!

    Liked by 1 person

  2. في فمي ماء!
    رسائلنا حتى الريح تنوء بحملها لكثرتها! وبلا فائدة. صارت الشهادات والألقاب تصاريح بغال لحمل أسفارها!

    إعجاب

  3. للامانة هذه حالة عامة تدعو لنظرة جديدة في نظام الجامعة ككل فالمنطق لا يقبل ان ينشأ زوكربيرغ من هارفارد وهو لم يكملها ليعود اليها وياخذ الشهادة الفخرية بينما يعمل المتخرجون الجدد منها عامين قبل ان يسددوا ديون دراستهم ان بدا لك هذا الامر منطقيا في بلاد الحرية فراجع نفسك
    هناك ايضا مهازل كبرى خصوصا في مجال العلوم الانسانية -لان العلوم التجريبية لا يمكن التلاعب بها كثيرا رغم انها تتعرض هي كذلك لاخطاء تصميم تجارب مهولة- وقد ذكر ذلك الدكتور عبد الرحمن بدوي في سيرة حياته عن مذكرات التخرج في فرنسا فراجعه وللعلم هو عمل في السربون لمدة جيدة
    بخصوص قولك “فالجميع بدأ يدرك أن الرسائل و البحوث الجامعية لدينا هي فقط لنيل الدرجة العلمية ولا يمكن الإعتماد عليها كمصادر موثوقة للمعرفة” انت محق لكن لا للتعميم. على سبيل المثال بحوث الذخيرة العربية التي تم انجازها عبر الجامعات السعودية عمل منظم مفتوح تجده على github وسواء اعمل للشهادة ام لا فهو علمي ودقيق جدا كما ان سلسلة الرياضيات التي اشرف عليها رشدي راشد وترجمت على نفقة الجامعات السعودية مثال ناصع البياض كذلك لا انكر ان هناك مساءوي كثيرة. على امتداد الوطن العربي. لكن لنكن ايجابيين هناك هذه المدونة الجميلة وهناك جهود تبذل ودعنا -كما يفعل الامم الناجحة- نركز على الحل لا مشكلة اتمنى الا اكون قد اثقلت عليك بتعليقاتي لكن اود منك مقالات تقترح حلولا لا تصف حالة او ان وصفت حالة يا ليتها تكون دقيقة علمية بالاحصاءات وليست فقط تجارب شخصية.

    إعجاب

أضف تعليق