خبايا متربع العرش الثقافي

في السابق تكلمت عن أساليب العرب في اخفاء المعرفة والآن أُفرد الغذامي بمقال بحياله، لأنه ليس شخص عادي بل متمكن من كل أساليب اللغة ، فهو أستاذ نظرية النقد الأدبي.

-الحكاية قبل البداية

جاء الغذامي من بعثته ليجد مجتمع متحدث فقط بالشكل و الوسائل ، ولم تمتد الحداثة لجوهره، فاستعان بالنظريات النقدية الحديثة لعلها تهز مسلمات الثقافة وتغير هذا المجتمع الذي يقبل وسائل الحداثة، ولكنه يرفض الأفكار التي أنتجت هذه الوسائل.

هذا المجتمع الذي يربط المحافظة بالدين ويعتقد أن الحداثة هي اجتثاث حضاري ومسخ لهم . ولهذا السبب يتهمون الحداثيين بالتبعية و الخيانة لأنهم يتخذون من النموذج المعرفي الغربي مرجعاً للتقدم.

-النادي الأدبي غموض الخطاب المتعمد

حين كان يُحاضر الغذامي في النادي الأدبي، كان الذي يحضر هو جمهور الصحوة وهو جمهور متربص لا مستمع، لذا كان يغمض خطابه حتى لا تصلبه أفكاره.

وحين كانوا يطلبون منه أن يقول ما يفهم، كان يرد بمقولة أبي تمام “لم لا تفهم ما يقال” التي أصبحت شعار الحداثة أمام جمهور يشتكي من غموض الخطاب، ولكن “للغموض مضار فادحة إذا كان المتلقي متوجس لأنهم سيفسرون قولك على أسوء مقصود”

-إحياء موت المؤلفة ( حيلة بلا حيلة )

فسروا كلامه وكتاباته على أسوء مقصود، وتم تشوية سمعتها ولقب بحاخام الحداثة وحمار الإلحاد – حاشاه – وبسبب شيطنته من قبل خصومه لم يستطيعوا التحاور مع نصوصه بل كانوا أسيرين للرد والأعتراض غير الناضج على أفكاره دون فهمها، لذا كان لابد من أحياء فكرة موت المؤلف.

-نظرية موت المؤلف أو غياب المؤلف

من أغراض النظرية أن تهتم بالنص وتترك الشخص (الشخص الذي كتب النص) لتحرير النص من سلطة المؤلف، حتى لا تؤول النص بطريقة خاطئة بسبب التصورات المسبقة التي كونتها عن المؤلف …ولكنها لم تنجح فلابد من حيلة جديدة

-الإيهام التاريخي/ الحيلة الناجحة

بهذه الحيلة تمت المصالحة مع الأصوليين ، فالغذامي بعد أن كان عدو الصحوة الأول أصبح بعلاقة انسجام مع الأصوليين له نفس خطاب الأصوليين لكن دون أن يكون أصولي . كيف ؟

أصبح الغذامي ما بعد حداثي, و مابعد الحداثي هو من ينتقد الدولة الحديثة لمزيد من التقدم . ولكن الغذامي ليس في دولة حديثة، بل هو ينقد الحداثة في دولة لم تدخل بعد مرحلة الحداثة، فيفهم من خطابه أنه يرفض الدخول في الحداثة، وبهذا ينسجم خطابه مع خطاب الأصوليين الناقدين و الرافضين للحداثة .

ويالها من حيلة ! أصبح حليف للأصوليين ليس بالرجوع للماضي مثلهم، بل بقفزه إلى المستقبل ( مابعد الحداثة ) لينتقد الحداثة في دولة لم تدخل بعد مرحلة الحداثة.

-خطوة جديدة تجاه الأصوليين / النقد الثقافي

خطوة جديدة تجاه الأصوليين حين اعتبر إشكال ثقافتنا في الشعر لا في التصور الدين . فالشعر برأيه هو سبب الاستبداد والذكورية والفحولة وكل أمراضنا الثقافية،مع أن المتلقي يعلم أن الشعر أعذبه أكذبه، ومجاز ضد الحقيقة لذلك لا يؤمن به بل يؤمن أن الحقيقة في التصور الديني .

-في الختام ينتصر النسق

يبدو أن الحداثة تتناسب مع حداثة السن، وكلما زاد عمر الإسان كلما رجع للمحافظة كعلاقة طردية، لن ألوم الغذامي فالسن له ثقله حتى على من هو مثله، والرجل أدى ضريبته الإجتماعية في المعارضة والتمرد على النسق ولكن في النهاية ينتصر النسق ويعود محافظ ولو بزي مابعد حداثي .

رأي واحد حول “خبايا متربع العرش الثقافي

أضف تعليق